رحلته المهنية

علي رضي .. بصمات واضحة في خدمة الوطن.. ونموذجاً يحتذى

ودعت البحرين إحدى الشخصيات البارزة التي كانت بصماتها واضحة في تطوير الإجراءات والأدوات المحركة  لتنمية الاقتصاد والمسهلة لجذب الاستثمارات وتنظيم سوق العمل.

وقد أشاد الكثير من الوزراء والمسؤولين الذين قدموا العزاء لأهل الفقيد علي رضي الرئيس التنفيذي السابق لهيئة تنظيم سوق العمل بمناقبية الراحل وكفاءته ونزاهته مما يعد نموذجاً يحتذى به، منوهين في ذات الوقت بدوره الفاعل عبر المناصب التي تقلدها.

بدت بصمات علي رضي واضحة للعيان في مفاصل الاقتصاد الوطني بدءاً من وزارة التجارة التي تدرج في العمل فيها من محاسب (مراقب الموازنة) في عام 1992 إلى مدير للسجل التجاري في 1996، ومن ثم وكيلاً مساعداً لشئون التجارة المحلية في الفترة من 2000 إلى 2005.

السجلات التجارية

ويتحدث أحد أصدقائه وزملائه مؤكداً أن لعلي دورا بارزا وبصمات واضحة في تطوير خدمات وزارة التجارة وفي استحداث آليات تساهم في تسهيل إجراءات جذب الاستثمار وتأسيس الشركات، مشيراً إلى أنه تمكن من تطوير نظام السجل التجاري بحكم اطلاعه الواسع وخبرته في مجال التطويرالإلكتروني.

ويوضح تمكن من تسهيل إجراءات إصدار التراخيص والسجلات التجارية وتحويلها من النظام اليدوي إلى الآلي في فترة قياسية، كما أنه أخذ على عاتقه سد جوانب القصور في البرامج من خلال الشراكة مع شركة مايكروسوفت.

وهو ما يؤكده زميله وصديقه يونس الهرمي الذي عمل معه في أكثر من جهة مشيراً إلى أن البحرين خسرت كادراً تكنوقراطاً من الدرجة الأولى، كانت له لمساته في تطوير الأدوات الاقتصادية المتجاوبة مع توجه الدولة والقيادة في تسهيل الإجراءات والخدمات أمام المواطنين والمستثمرين.

ويضيف الهرمي: منجزات علي رضي لا يمكن حصرها، فهو كان يقف خلف مشروع الانتقال من النظام اليدوي إلى النظام الآلي في عملية إصدار السجلات التجارية خلال 1997، متجاوباً مع توجيهات القيادة في تسهيل الاجراءات.

ويلفت إلى أن علياً كان حينها مديراً لإدارة السجل التجاري وكنت رئيساً للسجل– الكلام للهرمي – وعمل على إدخال النظام الالكتروني في الإدارة، مضيفا بحكم أن استخدام الحاسب الآلي لم يكن شائعاً في تلك الفترة فتم تدريب الموظفين على التعامل الإلكتروني وكان علي رضي يشرف على ذلك شخصياً.

ويشير إلى أن التحول من النظام اليدوي إلى الالكتروني ساهم في تقليل فترة إصدار السجل من 6 أسابيع إلى زيارة واحدة فقط إلى إدارة السجل ليتمكن طالب السجل من متابعة طلبه.

ويتابع: كما تم تطبيق نظام الانتظار الالكتروني حيث يأخذ الزائر رقماً بانتظار دوره وتكون إدارة السجل التجاري من أوائل الجهات التي طبقت هذا النظام.

ويردف الهرمي: لم يتوقف طموح علي رضي عند هذا الحد وإنما جاءت فكرة إصدار السجل من خلال الإنترنت، وليبدأ كذلك بتطبيق نظام “الموظف الشامل” حيث بات المستثمر يتعامل مع موظف واحد يكمل له جميع الإجراءات والمتطلبات والرسوم.

مركز البحرين للمستثمرين

أما فيما يتعلق بفكرة إنشاء مركز البحرين للمستثمرين فيقول أحد زملائه بدأت الفكرة بإنشاء نافذة واحدة لتأسيس الشركات تختصر الوقت والجهد أمام المستثمرين، مشيراً إلى أن علي رضي أحد الأشخاص الذين حرصوا على تطبيقها بدعم من وزير التجارة السابق، رئيس مجلس الشورى الحالي، علي صالح الصالح، ووكيل الوزارة السابق الدكتور عبد الله منصور.

ويضيف: عمل الفقيدعلى تطبيق الفكرة على أرض الواقع حاملاً على عاتقه اقناع جميع الوزارات التي يتصل عملها بإصدار التراخيص وهي عملية لم تكن سهلة إلا أنه نجح في ذلك ليتم افتتاح مركز البحرين للمستثمرين في عام 2004، وليحظى بدعم من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة الذي قام بزيارة إلى المركز.

ويعمل المركز حالياً على تسهيل عملية تأسيس الشركات في البحرين، بدءًا من مرحلة تقديم الطلب ووصولا إلى مرحلة بدء العمليات الفعلية، حيث يستطيع جميع المستثمرين تقديم طلباتهم إلى نقطة اتصال واحدة من خلال مختلف القنوات المتوفرة في مركزالبحرين للمستثمرين.

ويضم المركز معظم الجهات الحكومية ذات العلاقة بإجراءات الحصول على التراخيص، أو ترتبط إلكترونيًا بنظام السجل التجاري، بالإضافة إلى ذلك يتواجد في العديد من الشركاء من القطاع الخاص الذين يقدمون خدمات أساسية للمستثمرين مثل الاستشارات والتمويل والخدمات المصرفية والاتصالات.

صندوق العمل

وبعد أن أدى دوره في وزارة التجارة استعان مجلس التنمية الاقتصادية ضمن مشروع الاصلاح الاقتصادي بالفقيد في تأسيس صندوق العمل “تمكين” ليشغل في نوفمبر 2005 منصب نائب الرئيس التنفيذي، لدعم القطاع الخاص في صندوق العمل وليبدأ في بلورة أفكار برامج مشاريع الصندوق لتحسين الانتاجية وقياس مستوى انتاجية الشركات.

وهو المشروع الذي تستفيد منه حالياً أعداد كبيرة من شركات القطاع الخاص مساهماً في تحسين انتاجيتها وأدائها، كما أنه يمثل اساساً لعدد كبير من البرامج التي أطلقها الصندوق في مرحلة لاحقة.

ويتحدث الرئيس التنفيذي السابق لصندوق العمل (تمكين) عبد الإله القاسمي عن تلك القترة مشيراً إلى أنه بدأ مع علي رضي في التنسيق والإعداد لصندوق العمل قبل تأسيسه حيث كنت لا أزال حينها أعمل في وزارة العمل وعلي رضي بوزارة التجارة.

وبعدها أصبح علي نائباً للرئيس التنفيذي للصندوق لدعم القطاع الخاص الذي كان حينها تحت مظلة مجلس التنمية الاقتصادية ليستمر في هذا المنصب لعام واحد قبل أن ينتقل إلى هيئة تنظيم سوق العمل.

ويوضح، تمكن علي بعد قيامه بزيارة إلى عدة دول كسنغافورة من نقل هذه التجربة إلى البحرين ليبدأ في وضع أسس وطرق دعم القطاع الخاص والارتقاء بمستويات إنتاجية الشركات وليضع الاستراتيجية الأولى لعمل الصندوق والتي كانت بمثابة اللبنة الأولى لعدد من المشاريع التي أطلقت في مرحلة لاحقة.

وبفضل جهود الفقيد تمكنت البحرين في نوفمبر 2006 من استضافة وعقد أول مؤتمر لتحسين الانتاجية والذي قد يكون الأول على مستوى المنطقة، حيث تم استعراض تجارب الصندوق للارتقاء بمعدلات انتاجية الشركات.

هيئة تنظيم سوق العمل

وبعد مساهمته في وضع أسس برامج تحسين الانتاجية انتقل علي رضي بعد ذلك إلى القسم الثاني من برنامج الإصلاح الاقتصادي ليعين قائماً بأعمال الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل في 2006 ومن ثم رئيساً تنفيذياً للهيئة بمرسوم ملكي صدر في مايو 2008 وليستمر في هذا المنصب حتى ابريل 2011.

ويقول الهرمي الذي عمل مع رضي كنائب الرئيس التنفيذي للضبط القانوني في هيئة تنظيم سوق العمل،عملت الهيئة على إعادة هندسة الإجراءات الحكومية في عملية إصدارتصاريح العمل، وتقديم نموذج جديد في عمل الحكومة وهو تقديم خدمات الهيئة والجهات المرتبطة بها عن بعد دون الحاجة إلى الحضورإلى مبنى الهيئة لمعظم المعاملات.

ويوضح: بدأ علي رضي في نقل عملية إصدار تراخيص العمل إلى النظام الالكتروني حيث بات بإمكان تقديم ومتابعة الطلب إلكترونياً ومعرفة الجهة التي وصل إليها، كما بات بالإمكان التقدم لطلبات الحصول على التأشيرات من خارج البحرين.

كما تمكن من نقل فكرة النافذة الواحدة “مركز البحرين للمستثمرين” إلى هيئة تنظيم سوق العمل حيث بات هناك ما يعد نافذة واحدة توجد فيها مختلف الجهات الحكومية التي لها علاقة بعميلة إدارة تراخيص العمل والعمالة.

ويتابع: هذه العملية ساهمت في تعزيز صورة المملكة لدى الدول المصدرة للعمالة لضمان حقوق عمالتها وسهولة التعامل كما أنها قلصت فترة الحصول على تصريح العمل من شهرين إلى 5 أيام عمل إلى 24 ساعة في بعض الحالات.

ويضيف، حصلت الهيئة  المركز الأول في برنامج مركزالبحرين للتميز التابع لمجلس الوزراء من بين عشر جهات ومؤسسات حكومية تم اختيارها من بين المؤسسات الحكومية المشاركة في البرنامج الطموح لتقييم وضعها في برنامج التميز وقدرتها على التغيير، حيث أحرزت الهيئة 56 من 60 في القدرة على صناعة التمكين، وهو أحد المراحل المتقدمة للوصول نحوالتميز، كما نقلت الهيئة تجاربها ونموذجها إلى عدد من الدول في المنطقة.

وحصل رضي في 2011 على تكريم من قبل معهد جائزة الشرق الأوسط للتميزفي دبي لتكريم الشخصيات التنفيذية الفائزة بجائزةالشرق الأوسط الثامنة للقيادات التنفيذية لتحقيق أفضل الإنجازات.

جافكون للاستشارات وتحسين الإنتاجية

كما التحق علي رضي كشريك تنفيذي في جفكون، وفي فترة وجيزة استطاع علي رضي مع فريق عمل جفكون ومن ضمنهم الدكتور أكبر جعفري على إنشاء أداة ألكترونية متطورة تشخص مدى استدامة الشركات من خلال قياس الإنتاجية وتحليل التقارير المالية، حيث سميت هذه الاداه “Productivity Health Check- PHC ” وقد طبقت هذه الاداة في عدة شركات في المملكة وأظهرت نتائج مبهرة في تشخيص الإنتاجية لدى هذه الشركات.